المقال الثاني من سلسلة مقالات يكتبها للموزون
الباحث والكاتب: محمد فال ولد سيدنا
1-التيدنيت:
والأشهر عندنا أنها آلة استوردها الموريتانيون منذ القرن 15 الميلادي من بلاد السودان، وإن كان بعض الباحثين يتحدث عن بعدها العربي، ولا تعارض بين هذا وذاك، فقد تكون تَطَوُّرا للعود العربي توصَّل إليه الأفارقة آنذاك.
وهي الآلة الأصيلة في (أَزَوانْ الحساني).
تتكون من :
ــ الحوض: وهو حوض صغير مستطيل يتخذ من شجر آدرس غالبا.
ــ "الجنْبَة":وهي جلد رقيق تَجتمع أطرافه بعضُها إلى بعض ــ كغطاء للحوض ــ بأسلاك من عصب مأسورة على ظهر الحوض.
ــ التامونانت: هي عود "مُسَطَّح" على شكل مستطيل بطول نصف الشبر وعرض 6سنم تقريبا، يجعل في الثقب الذي يوجد في "الجنبة" من وسط الحوض المجوف.
ــ الأوتار(لعصب): يتخذونها ــ في الماضي ــ من زغب أذناب الخيل أو من مادة "ابلاستيكية" في هذا العصر، ويسمى الوتران الأوسطان والطويلان بـ(المهرين) وأحدهما (مهر) ويسمى الطرفان أي الوتران القصيران على طرفي المهرين بـ(تيشبطن) واحِدُهما: (تاشبط) يكون الأعلى منهما أقصرَ من الأسفل (عدد الأوتار في التيدينيت أربعة أو خمسة عند بعضهم).
ــ الحَرْبَة: وهي قصبة من نحاس فيها حديدة تجعل في رأس الحوض وعلى أطرافه فيها دوائرمن حلق صغيرة تتخذ لإصدار أصوات كالطنين عند العزف.
ــ "الدَّبُّوسْ"(العصا): وهي عود بطول المتر تقريبا تُناط بأحد أطرافه رؤوس "لعْصبْ"(الأوتار) وطرفه الآخر متصل بالقدح يمر من وسطه من تحت "الجنبة"، وتحرك أوتار "التيدنيت" بـ"الظفر.
وفي التيدنيت تسمى المقامات (اظهوره) بتسميات مختلفة تبعا لكل (جانبة) حيث تعزف التدنيت على ثلاث "جوانب" (الطرق).
وفي ما يلي توضيح لتك"الجوانب"(الطرق) وما يتعلق بها من تسميات في المقامات:
أولاـ الجانبة البيظة:
1ــ كر: مَكَّه مُوسَى.
ــ اَرْدِيفْ مَكَه: الْفايِزْ.
2ــ فاغو: عَرَّايْ اَسْروزِي(اَسْرُوزِي).
ــ اَرْدِيفْ اَسْروزي: الْحرْ.
3ــ لكحال: اَنْيَامَه.
ــ اَرْدِيفْ اَنْيامَه: التِّحْزامْ.
وبين هذا المقام الآنف والذي بعده هناك "نغمات"(رَدَّاتْ) لم يعدوها مقاما مستقلا لكنها تختلف عن المقام قبلها والذي بعدها،: يسمونها: (الزراك)، وفي هذه "الطريق" تسمى اصطلاحا:
ــ الرّْبابي.
4ــ لبياظ: جينه.
ــ اَرْدِيفْ جَيْنَّهْ: لَكَّتْرِي.
5ــ لبتيت: لِعْتِيكْ.
ثانيا: الطريق الْكَحْلَه:
1ــ كَرْ: اَنْتَمَاسْ.
ــ اَرْدِيفْ اَنْتَماسْ: سَيْني كَرْ(مايُخَرَّصْ).
2ــ فاغو: تنجوكه.
ــ اَرْدِيفْ تَنَجُّوكَه: سَيْني فَاغُو(التِّحْرارْ).
3ــ لكحال: هَيْبَه.
ــ ليس له اَرْدِيفْ.
وبين المقام السابق والذي بعده يأتي (الزْراكْ) الذي ذكرنا من قبل أنه لا يرقى لدرجة المقام عندهم، وفي هذه "الجانبة" يسمى:
ــ الرَّاشْكَه.
4ــ لبْياظْ: مَغَجُّوكَهْ.
ــ لَيْسَ لَه " اَرْدِيفْ " مُستقل بتسمية. إلا إذا اعتبرنا أن "اللين" الذي هو رخوة في مقام لبياظ "تطرأ" على النغمات في كل "الجوانب" تُمَثِّل الجزء الثاني من هذا المقام، خاصة أن "اللين" كان "شوْرا" عزفه الفنانون بهذه "الطريق، وفي هذا المقام بالذات.
5ــ لبتيت: أَعَظَّالْ.
ثالثا: جانبةْ لِكْنَيْدِيَّه(الجانْبَه العاقر).
وهذه الطريق تختلف عن سابقتيها بكونها عاقر أي لا "أشوار" فيها إلا النزر القليل ويختلفون حوله، كما أنها لاتَحتوي على "رِدْفَ"(جَمْع ارْدِيفْ)، وهي الأخيرة منهم من حيث الظهور. فإليكم تسميات المقامات فيها:
1ــ كر: اَنْوَفَّلْ.
2ــ فاغو: اَشْبارْ.
3ــ لكحال: المُوسْطي، أو اتْزخريف(اتزَرْغيفْ).
4ــ لبياظْ: مَنْجَلَّهْ.
5ــ لبتيْتْ: بَيْكِي الْمُخالِفْ.
)*- كل هذه "التسميات" تتعلق بهذه الآلة (التيدنيت) لا غيرها، ويعزف فيها مقطوعات موسيقية تخضع لإيقاعات في بعض الأحيان لها "تسميات" و "شواهد" تنبئ عن تعلق الموريتانيين في القديم بهذه الآلة، وتعرف تلك المعزوفات ب: (أشوار التيدينيت)، وقد كانوا يتبارون في معرفة أسمائها وشواهدها، والذي يُسَمِّي (شورا) باسمه بعد أن عُزف وطُرح كسؤال يكون: "حاصْ الشَّوْرْ"، والمسابقة: "حَوْصْ الأشوار".
وازدهرت هذه الآلة وحازت مكانة عظيمة في زمن الإمارة الحسَّانية: (إمارة أولاد امباركْ) حيث تعلق الأمراء فيها بالفن والفنانين واهتموا بالتيدينيت أيما اهتمام، حتى غدت رمزا لسيادتهم وارتبطَ تاريخها بتاريخهم ارتباطا وثيقا.
2ـ آردين.
وهو الآلة التي تختص بضربها المرأة في العائلات الموسيقية هناك(إيْكَّاونْ)، وتتميز هذه الآلة بقدمها وبأنها (جَامعْ آنْكَارَ)، وتتكون من قدح كبير، يصنع من مادة خشبية يُلف بجلد "مدبوغ" وبعد أن يصبح كهيئة الطبل التقليدي يؤخذ فيجعل عليه عود ليس بالرقيق ولا بالغليظ يقسم سطح القدح الدائري إلى نصفين، يثبَّتُ فيُؤخذ بعد ذلك عود بطول المتر ــ تقريبا ــ فيثبت عند أحد رأسي العود السابق بشكل يجعله عموديا ــ مع ميول خفيف ــ على العود الذي يقسم سطح القدح الدائري، وتثقب فيه ـ أي العود الطويل ـ ثقوب تزيد في بعض الأحيان على اثني عشر ثقبا فتُدخل فيها مسامير صغيرة، وتشد الأوتار المثبتة في العود السفلي لتكون أطرافها الأخرى مثبتة في تلك المسامير وذلك لتستطيع العازفة أن تشدها ـ والعكس ـ متى شاءت بمجرد أن تحرك تلك المسامير بشكل لَوْلَبِي تَبَعاً لما يتطلبه التحول(التبْراَمْ) من مقام موسيقي إلى آخر.
وأوتار هذه الآلة كانت تُتَّخذ من "زَغَب" أذناب الخيل في القديم، وأصبحت اليوم تتخذ من مادة "ابلاستيكية" وأخرى "حديدية" في بعض الأحيان.
ولتزويق هذه الآلة تتخذ النساء الحناء وغيرها من الأصباغ لزخرفة الأدمة البيضاء على ظاهر القدح الآنف الذكر الذي هو قاعدة "الآردين"، كما تتخذ الحلق الصغيرة من حديد فتثبت في دوائر على سطح قاعدة "الآردين" حيث تُصدر أصواتا عند ضرب العازفة للأوتار والطبل، وقد يتخذ الأخير لإصدار إيقاعات موزونة إذا لم يوجد طبل مستقل.
*- هذان ــ أي التيدينيت وآردين ــ هما الآلتان الأصليتان في الفن الموسيقي الحساني القديم، وقد توجد آلات أخرى قديما لكنها في الوسط الموسيقي لم تكن معتمدة في العزف بل يختص بها أقوام آخرون يعزفون عليها في الأرياف وعند الرعاة مثل:ــ النَّيْفَّارَه(الزَّوْزايَ): وهي كهيئة "الناي"، تتخذ من عصا بطول المتر ــ تقريبا ــ مُجَوَّفة إلى نصفها وبها ثقوب، يمسكها "النافخ" وينفخ فيها فتصدر أصواتا يتحكم فيها بوضع أصابعه على الثقوب ولم تعد هذه الآلة موجودة إلا في بعض الأرياف وعند بعض الرعاة. ومن تلك الآلات الموسيقية أيضا: داغِمْبَ أو داغمَّ.
ــ وتعتبرالطبل العادي أيضا منالآلات الحاضرة والضرورية في المجلس الموسيقي الحساني.
كما أدخلت في العصر الحديث آلات أخرى وجدت لنفسها مكانا مهما في الموسيقى الموريتانية كآلة:
ــ "الكيتار":
وقد دخلت المنطقة قبل نصف قرن ــ تقريبا ــ من الآن، وكان النوع الأول الذي يصدر الصوت الجهير دون مكبر صوت سابقا على النوع الثاني من حيث الظهور، ولكن النوع الأخير احتل الساحة الموسيقية وظهر فنانون يبرعون في العزف عليه فتمكنوا من إدخاله كآلة أساسية في المجلس الموسيقي هناك.
- الأورغ:
وهي الآلة المستحدثة في هذا اللون الموسيقي الحساني فلم تك موجودة إلى عهد قريب ولكنها أصبحت تتغلغل داخل الموسيقىالموريتانية، فبرزت أيادي موسيقيةٌ بارعة في العزف عليها، وتجد مكانا مناسبا خاصة في المناسبات الصاخبة وغيرها أحيانا.
ملاحظة: كل هذه الآلات الآنفة الذكر تخضع للسلم الموسيقي المعروف.
وكغيرها من الفنون تحتوي الموسيقى الموريتانية على كم هائل من المصطلحات والتسميات منها ما تعلق بالآلات ومنها ما تعلق بالمقامات والنغمات المكونة لها، وهذا ما سنتطرق له في المقال التالي إن شاء الله.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الموزون 2013.