سبق وأن نشرتُ في هذا الموقع ما ارتأيت تسميتَه (التعبير الحر) وهو لون أدبي في نظري أنتجه في لحظة ما من عبرت عنهم في الحلقة الأولى بأناس وجدوا أنفسهم في محيط يتعاطى الحرف بنهم فأسرع بهم الخيال وأبطأ بهم الوزن.
ونعود اليوم لتقديم ثلاث نصوص من هذا اللون:
ــ النص الأول فصيح وهو من اطول النصوص التي وقفت عليها فمعظم نصوص هذا اللون تعتمد الاختصار والتركيز فتكتفي ببضع كلمات وتتمحور في معظمها حول فكرة واحدة بسيطة، إن صاحبنا في هذا النص يحاول أن يتوسع على الأقل من حيث الشكل في عرض أفكاره، النص حسب ما يُخيل إلي في الرثاء أو المدح فلعل "رحم الله عبدا" الواردة في بداية النص هي من باب أن الرحمة "ما افصَلْ فيه الموت من الحيِّينْ" ومن ابرز ما في هذا النص إشارة صاحبنا إلى أن ممدوحه اغناه الله مالا حلالا من عمل يده وكتابة أقلامه ويمكن أن تكون كتابة الأقلام تعبيرا عن الاشتغال بتدريس القرآن أو كتابة الرُّقَى الله اعلم والنص هو:
رَحِمَ اللهُ عبدًا لاَ يَنَـــــــامُ = إذا جنَّ الليلُ ونَامَ الأنَـامُ
وذاك حينَ لا يقوم فيــــه = إلاَّ تقيا خاشعا له مقَامُ
يبيتُ يبكي ويشتكــــــــي = خشُوعا لله يتلو كتاب الله العظيمِ العِظَامُ
أغناهُ الله مالاً حلالاً طيبًا = من عمل يديه وكَتْبِ القِلاَمُ
ــ النص الثاني فصيح وصاحبه يبدو أنه حصل على قطعة قماش كان في حاجة لها إلا أن فرحة الحصول عليها لم تُنسه صعوبة البحث عنها وهو ما عبرَ عنه بشكل جلي.
القطعة من قماش كان موجودا ومُحَببا خلالَ العقود السحيقة يسمى "بُشَامَ" وهذا ما يجعل النص قديما انطلاقا من أن الفترة التي كان يروجُ فيها هذا النوع من القماش تعود إلى خمسينيات القرن الميلادي المنصرم والنص هو:
فهذِ بيْصة من بُشَامَ حيَّدَ الله بأسها = وما هيَّ إلا من صُلَيَّانَ من تنكرْدَ بل هي اصعبُ.
ــ النص الثالث حساني وهو مرثية صريحة يقول صاحبه:
يَاملانَ صَبَّيْتْ = فمنينْ ظرك احجَلِّي
دَخْلُو فالجنَّ حتَّ = وديرُ افْزرْهَ التَّلِّ
وقد قيل له لماذا اخترت له الجانب الشمالي من الجنة عن الجوانب الأخرى؟ قال: أريد له الهواء البارد "اندورلو تِجْوَ"
وللحديث بقية.....
النبهاني ولد أمغر