تسعة عقود من الزمن لاتمحو إنتاج أديب كبير
تسعة عقود من الزمن على رحيل المرحوم حسني ولد شاش
بولاية تيرس زمور، وتحديدا بالموضع المسمى بولوتاد، وفي العام ألف وثمان مائة وستة وسبعين، ولد الأديب محمد الحسن (حسني الكبير) ولد سيدي عبد الله ولد محمد ولد شاش، ولم يكن بولوتاد موطنا لأسرة الرجل، وإنما هو الحل والترحال الذي كان يطبع حياة أولائك الأسلاف،
ينتمي حسني ولد شاش إلى قبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع (أبناء عامر الهامل)، ثم إلى بطن أهل سيدي عبد الله، ثم إلى أهل ابراهيم، وقد نشأ حسني في بيت والده سيدي عبد الله ولد شاش، وهو رجل عرف بالصلاح ودماثة الأخلاق، كما عرف حسني بالذكاء وبسرعة الحفظ، الأمر الذي مكنه من حفظ القرآن ولما يتجاوز بعد الحادية عشر من عمره، كما مكنه من الحصول على قسط وافر من الثقافة الإسلامية.
مارس صاحبنا قرض شعر الحسانية وهو لا يزال صبيا لم يبلغ، وبفعل ظروف تربية هذا الأديب، ونتيجة لتأثير محيطه الاجتماعي فقد طبعت شعره الحساني مسحة دينية واضحة، وتجلت هذه المسحة في الإكثار من الوعظ والاعتبار بأحوال الدنيا وتقلبها:
نعرف هون امرايرْ ظنيـتْ عن بعد امعـــــاهم ﯕـطيـــتْ
امْعَ لحباب امشيتْ ؤجيــتْ ذوك أل عدْمٌ فالمثبـــــــــوتْ
واصل انتِ يالدني فَغْنَيْــتْ واصل اهلكْ زاد ادور اتموتْ
ولّ ذاك ألا لا ينجــــــــــن هاذَ كاملْ فوات إفــــــــــــوتْ
ولّ ذاك ألا يعرفْ عــــــن ما خالـﯕ كون الل والمـــــوتْ
وفعلا فقد عرف الأديب حسني الدنيا كما يعرفها الزهاد المتصوفون، فلم يعد ينخدع بأفراحها، أو يفزع لأتراحها:
الدني حزمك فوتيـــــــــيه وكْتنْ منْ لملاس اخطيـــــــتِ
يحرﯕـ بُ حد امفرحتيــــه ولّ خالعتيه اتليــــــــــــــــــتِ
كما أكثر الرجل من الحث على الإجمال في الطلب والإقبال على الله عز وجل، فانتقد الإفراط في جمع المال وطلب الدنيا، مذكرا أنه ليس باستطاعة أحد أن ينال منها إلا ما كتب الله له وقد رفعت الأقلام وجفت الصحف:
الدني ماهِ مبْتنْــــــــــــــيَ كون اعل ش ماهُ منْـــــــــيَ
والكد ؤدَوْران الغنْـــــــيَ والحرص ؤ لِساءَ فيــــــــــهَ
ما يَعْطُ لَمْنادم دنــــــــــيَ مولان ماهُ عاطيـــــــــــــــهَ
ومع ما يمتاز به شعر حسني من الرقة وسلاسة اللفظ، والخلو من التعقيد، فقد ضاع معظم إنتاجه، وقد يعود ذلك إلى تقادم عهد هذا الأديب، واعتماد الشعر الحساني على الرواية الشفهية، في حين يرى المقربون منه أن قلة النصوص المنسوبة له أمر عائد ــ أساسا ــ إلى نسبة أشعاره إلى غيره من شعراء الحسانية الكثر.
ورغم العاطفة الدينية الجياشة لدى الأديب حسني ولد شاش، واشتغاله بالوعظ والاعتبار بأحوال الدنيا فلم يخل إنتاجه من التغني بمرابع عرفها وألفها، حيث كانت منتجع أهله وأحبابه حيث نجده مثلا يتمنى لو يبقى بجانب "لعبار" وإلى الأبد:
لكانتْ في الدني منْـــــــيَ حد إتم احذ لعبــــــــــارَ
غير اص يالعـﯕـل الدنــي ألا تارة وتـــــــــــــــــارَ
توفي حسني ولد شاش سنة 1924م ودفن ببلدة انتررت على بعد ستة كليرومترات إلى الجنوب الغربي من مدينة تكند، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
محمد الأمين ولد لكويري